التاريخ

التاريخ ما بين هندسة السيطره وهندسة الذاكرة والنسيان

نُشر في ١٣ تشرين الثاني ٢٠٢٥ م

صورة الغلاف لـ التاريخ ما بين هندسة السيطره وهندسة الذاكرة والنسيان

في كتابه الشهير ما هو التاريخ يقول المؤرخ البريطاني Edward Hallett "الحقائق التاريخية تنعكس دائما من خلال عقل المؤرخ او يجب عليك دراسة المؤرخ قبل ان تبدأ في دراسة الحقائق او الحدث."

هذا القول يعني ان التحليل والتفسير يخضع لعقل المؤرخ وسياقه الفكري وتوجهه السياسي وعليه فإن فهم التاريخ يتطلب دراسة المؤرخ نفسه قبل دراسة الحدث.

 

  • - فالتر بنيامين: التاريخ ليس سجلا لما حدث بل ما تقرره القوة ان يقال انه حدث.
    يعني انه نص يكتبه المنتصر ويصاغ بلغة يمنح الكذب ملامح الحقيقه، فالعباسيين مثلا كتبوا عن واقعة الطف بلغة عاطفية وابتعدوا عن الحقيقه بموقعة المدينة بين المنصور وبين محمد النفس الزكية .
    كل جيل يعيد كتابة الماضي لا ليعرّف بل ليبرىء نفسه من خطاياه وليصوغ كذبة جديدة يعيش بها مطمئنا.

 

  • - نيتشه: البشر لا يتحملون الحقيقة، أنهم يحتاجون الى أوهام تحفظ توازنهم ، والى أساطير تمنحهم سببا للاستمرار.
    فما يروي ليس الحقيقة بل ما يسمح للحاضر بأن يبدو ضروريا وما يبرر نفسه.

 

  • - فوكو الأكثر تشاؤما: السلطة هي التي تنتج خطابا والتاريخ جزء من هذا الخطاب، اذا المطلوب ترتيب ما هو مسموح ان يقال.

 

  • - غوته وهو يحدق في عمق النفس البشرية في زاوية التاريخ والسياسية والمعيار الجماعي: لا شيء أكثر إثارة لللاشمئزاز في الاغلبية لانها تتكون في قلة من الأسلاف الاقوياء ، ومن الاوغاد الذين يتكيفون، ومن الضعفاء الذين يخضعون ،ومن الجموع التي تقلد دون أن تعرف عن الاخلاق ما تريده.


ارى نفس المعنى ما تناوله ابن خلدون حين تحدث عن دورة العصبية وكيف ان الجيل الاول يؤسس القوة والثاني يحافظ عليها والثالث سيسلكها والرابع يضيعها بالكامل.

 

وختاما:

هندسة الذاكرة وادارة النسيان: وهي ان الحقيقة ليست ما نكتشفه بل ما ينتج داخل منظومة القوة ولا يهم الواقعة بل ما يهم هو بناء الشرعية.

 

هندسة السيطرة: هو أن تقوم السلطة بطبع ماضيها لتضمن حاضرها وتعيد تعريف الذاكرة بما يخدم مصالحها 

 

ويبادر للذهن سؤال: هل ما نعيشه الآن هو انتهاء معنى التاريخ؟ ليس نهاية التاريخ كما قال فوكوياما ،وكيف نفسر العلاقة بين الماضي والحاضر وتفسير الحدث بين الحقيقه بدون دراسة السياق لفعل المؤرخ؟ أم أن الحقيقة في استثناءات نيتشه وهي أن التاريخ لا يضعه الذين يصفقون بل الذين يرفضون اللحظة التي يختاروا فيها الجميع الصمت.

المهندس رائد شموط

بقلم

المهندس رائد شموط